مقالة اليوم [ ماذا سيحدث لو سقط جسم داخل نفق يمر عبر مركز الأرض؟ ]
وإذا كانت الظاهرة يستحيل تحقيقها تجريبيا …….ما الوقت اللازم لعبور هذه المسافة نظريا ؟
الجواب يعتمد على عدة فرضيات : لذا سندرس هذه الفرضيات كل واحدة على حدى .
قبل أن ندخل في تفاصيل التفاصيل السؤال المنطقي والبدهي الذي يطرح نفسه ،هل يمكن إنجاز هذه التجربة عمليا هل يمكن حفر هذا النفق بهذا الحجم هل وهل ….؟
لنتفق جميعا أن يستحيل تحقيق هذه العملية تجريبيا لكونه يستحيل حفر هذا النفق الطويل الذي يبدا من ناحية لكوكب الأرض الى ناحية اخرى بسبب كل من الضغط والحرارة الهائلين والشديدين داخل نواة الأرض حيث تصل درجة الحرارة في باطن الأرض على سبيل الى 6 ألاف درجة مئوية أي تساوي درجة الحرارة على سطح الشمس[ وللإشارة فنواة الأرض عبارة عن كرة من الحديد الصلب بحجم القمر تقريبا، وتحيط بها نواة خارجية ديناميكية تتكون معظمها من سائل سبائك الحديد والنيكل.
وسبق أن اشارت الاختبارات التي أجريت في مطلع التسعينيات من القرن الماضي إلى أن درجة الحرارة في باطن الأرض تصل الى نحو 5 آلاف درجة مئوية. أما التجارب الجديدة فأكدت أن درجة حرارة باطن الأرض، تصل إلى 6 آلاف درجة مئوية، وهي درجة الحرارة على سطح الشمس.
دعونا نفترض مجازا أننا تمكنا من تجنب كل هذه العوامل ….[أي اننا تمكنا من حفر هذا النفق ]
فإن هناك عاملين أخرين ينبغي دراستهما على الأقل هما الهواء [ إحتكاك ] وموقع النفق القطري نسبة لمحور الأرض [ دوران الأرض ]
الحالة 1 :
الجسم الساقط في نفق متطابق مع محور دوران الأرض أي من القطب الى القطب الأخر :
الحالة 1. 1 :
في هذه الحالة وعند إهمال وجود الهواء[ أي إهمال الإحتكاكات التي يسببها الهواء ]سيكون السقوط مثالياً كما هو مبين في الصورة المتحركة حيث يتسارع الجسم نحو مركز الأرض كسقوط حر ثم يتباطأ كلما ابتعد عن مركز الأرض حتى يصل إلى نقطة مماثلة للنقطة التي سقط منها فيتوقف ويعاود السقوط بشكل عكسي لتستمر عملية التأرجح من طرف لآخر .و يتصرف الجسم الساقط في هذه الحالة كمتذبذب ميكانيكي [ انظر فقرة النواس المرن مثلا السنة الثانية بكالوريا ……….. أي أن هناك تبادل طاقي بين طاقة الوضع وطاقة الحركة بينما الطاقة الكلية / الميكانيكية تبقى ثابتة هذا يعني أننا حصلنا على مايشبه مصعد الجاذبية حيث نستفيد من الجاذبية في نقلنا من طرف إلى الطرف الآخر مجاناً تقريباً. وسيكون هذا في نفس الوقت شيئا رائعا ووممتعا إن أهملنا الإعتبارات السابقة : الضغط والحرارة والحفر ، تأثير الهواء ….
الحالة 1 . 2 :
أما عند أخذ تأثير الهواء بعين الاعتبار فإن الجسم الساقط يفقد جزءً من طاقتة الكلية على شكل طاقة حرارية تدريجياً بسبب الاحتكاك مع جزيئات الهواء وهذا يعني أن الجسم يتخلف عن النقطة التي سقط منها مع كل عملية سقوط تكراري. هذا يعني أن الجسم يحاول الاستقرار بعد زمن أو عدد من التأرجحات أو التذبذبات داخل مركز الكرة الأرضية. [ .وللتبسيط كاننا ندرس الدراسة الطاقية للنواس المرن بأحتكاك ] ……..
الحالة 2 :
الجسم الساقط في نفق متطابق مع مستوى خط الأستواء / نفق ينتمي الى دائرة الأستواء
بنفس الطريقة السابقة يمكن تحليل ما يحدث ولكن مع وجود تأثير إضافي يعرف بتأثير كوريوليس [ قوة كوريولويس هي قوة يخضع لها الجسم عندما ندرس هذا الجسم بالنسبة لجسم مرجعي أو معلم في حالة دوران بالنسبة لمعلم اخرا ثابت … وهذا لا يعني أنكم لم ولن تفهموها في هذا المستوى سأحاول ان اشرها تابع المقال …] والذي ينشأ بسبب دوران الأرض حول محورها. هذا التأثير يجعل الجسم الساقط ينحرف عن مساره المستقيم داخل النفق وقد يصطدم بجوانب النفق من وقت لآخر. لتفسير الأمر بوضوح تخيل الصورة الثانية حيث نعيش في مكان ما على دائرة الاستواء [ النقطة الحمراء ]. لأن هذا المكان يدور مع دوران الكرة الأرضية حول محورها فإننا ندور أيضاً مع هذا المكان . عندما نرمي جسماً من مركز الأرض عمودياً نحو إحدى فتحتي النفق فإن هذا الجسم ينطلق في خط مستقيم [حركة حقيقة] في حين أنه يخيل إلينا أنه [ أو يظهر لنا انه ] هو من ينحرف [ حركة ظاهرية ] وأننا لسنا نحن من ينحرف عن المسار وهذا هو التناقض الذي قد لا نستوعبه بسهولة آنذاك كدليل مادي على دوران الأرض حول محورها ودوراننا معها
وللمقال بقية : سنطرق فيه الى الشق الحسابي ، أي كيفية تحديد الوقت اللازم لعبور هذا النفق
إعداد : ذ . رشيد جنكل