رغم الحالات التفسية المتعددة والمختلقة بل المتعارضة والمتناقضة أحيانا التي يمر بها الشخص طيلة حياته إلا انه يشير الى نفسه باستمرار بضمير أنا بوصفه وحدة وهوية ثابتة مطابقة لذاتها على الدوام غير أن هذه الوحدة التي تبدوا بديهية لسيت كذلك بل تطرح أسئلة عدة لدى الفلاسفة .
يتساءل الفيلسوف إذا كان لكل شيء ماهية تخصه ، تميزه عن غيره ، فهل هناك ماهية لدى الفرد؟ ، تميزه عن غيره بشكل مطلق خصوصا وان ما من صفة جسمية أو نفسية الا ويشاطرها ويتقاسمها مع أفراد اخرين . إذن ما نقصد بالشخص ؟ هل يمكن تحديد هوية الشخص ؟ وكيف تحدد هذه الهوية ؟ وعلى ماذا تتاسس ؟ هل هي ثابتة ام متغيرة ؟
ينطلق » ديكارت » من فكرة مفادها أن العقل هو المحدد لهوية الشخص حيث بنى مشروعه الفلسفي حول فكرة الكوجيطو » أنا أفكر إذن أنا موجود » فالفرد يستطيع أن التفكير في الموجودات الماثلة والموجودة أمام حواسه وكذا المستحضرة صورتها عبر المخيلة ولكنه يستطيع ايضا التفكير في ذاته في نفسه التي تفكر ، يسمى هذا التفكير بالوعي وهو نفس الوعي الذي إعتمد عليه ديكارت. فالفكر والوعي في نظره أساس الوجود الإنساني فالذات جوهرها الفكر متى توقفت الأنا عن التفكير توقفت عن الوجود حيث تساءل في التامل الثاني » أي شيء أنا إذن ؟ » وأجاب » أنا شيء مفكر » فالشخص لدى ديكارت إذن أنا مفكرة تميز بين الصواب والخطأ بين الوهم والحقيقة بين الثابت والمتحول وتمنح الذات وجودها الحقيقي وهويتها من خلال أفعال التفكير التأملي وهي أفعال متعددة ومختلفة وهذا التعدد لا ينفي هويتها باعتبارها « انا » واحدة وثابت إنها تدرك ذاتها بشفافية ووضوح وتميز وتثبت وجودها من خلال عمليات التفكير .
بخلاف هذا المنظور العقلاني لديكارت نجد الفيلسوف الإنجليزي » جون لوك » الذي يرى أن هوية الشخص لا تتأسس على العقل لأن هذا الأخير ما هو إلا صفحاء بيضاء أو إطار فارغ وبالتالي فهوية الشحص تتحدد في نظره عن طريق فعل الوعي اأو المعرفة الحسية التي تصاحب جميع أفعاله وتجاربه الشعورية من شم وتذوق وإحساس ...فإقتران الشعور بالفكر على نحو دائم هو ما يكون الشخص هويته ويجعله يبقى دائما هو هو باعتباره كائنا عاقلا يتذكر أفعاله وإفكاره التي صدرت عنه في الماضي وهو نفسه الذي يدركها في الحاضر .بوبالتالي فإن الشعور هو ماهية الشخص وهذا الشعور لا يقبل الإنفصام عن الفكر وما دام الشخص لا يمكن أن يفكر بمعزل عن المعارف الحسية التي يكتسبها بواسطة الشعور والإحساس وبفضل الذاكرة يستمر الوعي في الزمان ويدرك الشخص أنه ذات واحدة وثابتة لا يطرا عليها أي تغيير فهوية الشخص إذن تتحدد من الوعي الحسي الذي يستمد من الذاكرة إستمراره وديمومته .
خلاصة : ما الذي يحدد هوية الشخص ؟
ديكارت : العقل هو المحدد لهوية الشخص
جون لوك : الوعي الحسي هوالمحدد لهوية الشخص
ذ. رشيد جنكل