مقدمة
كما يعلم الجميع تشكل البكتريات جزء ا مهما لا يتجزأ من اجسامنا ، حيث يفوق عدد الخلايا البكترية في الإنسان الصحي العادي عدد خلاياه بنسبة 1 الى 10. كما تشير أيضا بعض الدراسات أن عدد الفيروسات في أجسامنا يفوق عدد الخلايا البشرية والبكتريات معا . تقوم هذ البكتريات داخل أجسامنا وخارجه بأدوار مهمة ومختلفة , ويمكن ان نقسم هذه البكتريات الى مفيدة ، ضارة ، محايدة . إلا اننا لا نود أن نتحدث في هذا المقال عن هذه الأدوار التقليدية المعروفة سابقا . وإنما نريد أن نسلط الضوء عن دور أخر مهم أكتشف حديثا يتجلى في مساهمة هذه البكتريات في تركيب جيناتنا. ولمعرفة كيفية حدوث ذلك نطرح مجموعة من التساؤلات أهمها :
كيف تنتقل الجينات بين الكائنات الحية ا ؟ هل هناك طريقة وحيدة لنقل الجينات ؟ هل الجينات التي نمتلكها تأتينا فقط من الأباء ؟ هل نحن بشر حقا [ 100 % ] من ناحية الجينات ؟
وفقا لدراسة حديثة نشرت في Genome Biology أجريت على الإنسان وعلى مجموعة واسعة ومتنوعة من الحيونات ان العشرات إن لم يكن المئات من الجينات » غريبة المصدر » قد إنتقلت إليهم من الكائنات وحيدة الخلية مثل البكتريا .
طرق إنتقال الجينات
تعتمد عملية نقل الجينات على طريقيتن أساسيتين : الإنتقال العمودي والإنتقال الأفقي
الإنتقال العمودي : طريقة معروفة جدا حيث تنتقل الجينات [ الحمض النووي ADN ] من الأباء الى الأبناء
الإنتقال الأفقي :تتجلى هذه التقنية في نقل بعض الكائنات الحية الوحيدة الخلية كالبكتريا جيناتها الى الأنواع الأخرى التي تعيش معها في نفس البيئة .وتعد هذه الطريقة كذلك الطريقة التي تنتشربها الجينات المقاومة للمضادات الحيوية بشكل سريع مما يؤدي الى حودث مشاكل عند علاج الإلتهابات .
الدراسة :
قام العلماء بجامعة كامبريدرج [ ألستر كريبسب Alestair Crisp وزملاؤه ] في أنجلترا بدراسة الحمض النووي ADN للعديد من الحيوانات المختلفة كذباب الفواكه ، الديدان الخيطية ، العديد من الرئيسيات المختلفة مثل البشر . حيث كان العلماء يبحثون عن التشابه العالي في التسلسل الجيني بين هذه الكائنات الحية والأنواع الكيميائية الأخرى لمعرفة ماذا إذا كانت هذه الجينات غريبة المصدر في أصلها [ أي تاتي من البكتريات ، الفيروسات و الفطريات …] وتأريخ لحظة إكتسابها .
وفقا لهذه الدراسات الحديثة تمكن العلماء من الوصول الى إستنتاج مفاده أن البشر وهذه الكائنات الحية خ تمتلك العشرات إن لم يكن المئات من الجينات » غريبة المصدر » قد إنتقلت اليهم عن طريق الإنتقال الأفقي [ الطريقة الثانية ] من الكائنات وحيدة الخلية مثل البكتريا. فقد أكد العلماء أن 17 من الجينات » الغريبة المصدر » التي حددت سابقا قد إنتقلت عن طريق هذا الإنتقال الأفقي إضافة الى إكتشافهم 33 مورثة جديدة من أصل 145 مورثة لم يتم التعرف عليها بعد .
دور الجينات
تلعب هذه الجينات دورا مهما في كل من الجهاز الهضمي ، الجهاز المناعتي وكذلك التنوع البيوكيميائي أثناء تطور الكائنات الحية . كما تساعد على تكسير الأحماض الذهنية والمساعدة على الإستجابة لمضادات الميكروبات أو الإلتهابات .
جاءت معظم هذه الجينات « الغريبة المصدر » التي تم تحديدها في الدراسة إذن من البكتريات ومجموعة أخرى من الكائنات الوحيدة الخلية المعروفة باسم الطلائعيات protists وكذلك تم العثور على فيروسات وفطريات ناقلة للجينات وقد يكون هذا بمثابة السبب الحقيقي في فشل الدرسات السابقة في تحديد العديد من الجينات الخارجية حيث أنها ضمنت البكتريا فقط في التجارب .
يقول صاحب البحث » ألستر كريسب » : » أعنقد أن هذا الإنتقال الأفقي للجينات لم يقتصر فقط على الكئنات الحية الدقيقة وإنما يلعب ددورا مهما في تطور العديد من الحيوانات وربما كلها وهذا يعني أننا قد نحتاج الى إعادة تقييم تفكيرنا في ألية التطور «
ذ. رشيد جنكل
المصادر :