ليست قصة من الخيال، وليست أحد سيناريوهات أفلام مدينة هوليود الأمريكية، إنها خطة محكمة، نفذتها “خلية” مكونة من أربعة أفراد، لإنجاح صديقهم في امتحانات البكالوريا، التي جرت أخيرا، ترويها أستاذة لـ”الرأي” في دهشة وحيرة كبيرتين،
وكان السؤال الوحيد الذي تحتفظ به الأستاذة طوال الوقت، هو كيف خطط هؤلاء بكل هذا الإحكام، وكيف استطاعوا خداع الجميع بطريقة مريبة.
بدأت القصة حين عمدت أستاذة إلى إيقاف أحد المترشحين لاجتياز امتحانات البكالوريا، ضمن لائحة الأحرار، مسائلة إياه عن سبب مجيئه لاجتياز الامتحان، علما أن مؤهلاته، حسب إجاباته السريعة والدقيقة، في مادة الرياضيات جد متطورة، وتؤشر على مستوى تعليمي عال، أو وظيفة خولته إجادة المادة، فكان الجواب بوعدها بتفسير الأمر لاحقا.
بعد انتهاء الامتحانات، يهم المترشح بالخروج، وقبل أن يغادر المؤسسة التعليمية، يتذكر سؤالا عالقا، يجب أن يقوم بتقديم التوضيحات بشأنه، هم مبتسما، ووقف أمام الأستاذة التي أعيتها حراسة الامتحانات في يومها الأخير، وقال:”هل لا زلت تريدين معرفة سبب ترشحي لاجتياز امتحان الباكالوريا؟” طبعا لا يمكن للأستاذة أن تتوانى في الرد بالإيجاب، وفسح المجال للإصغاء لما ستفيض به جُعبة شخص تبدو على مُحياه ابتسامة ماكرة…
وفي متن القصة يروي الفتى، المجاز في العلوم الرياضية، ما تم الاتفاق عليه بين أربعة أفراد، من بينهم شخص كان كل أمله اجتياز امتحان الباكالوريا أحرار مهما كلف ذلك من ثمن، فاتفق مع أصدقائه على تقديم ترشيحاتهم لاجتياز الامتحان، وقبل أن تبادر الأستاذة بالسؤال عن طبيعة الضمانة التي جعلت الأربعة يترشحون لاجتياز الامتحان وكيف توقعوا تصنيف أسمائهم في نفس القسم، ابتسم مجددا وقال:” وبما أن اللغة التي ترشح فيها الأربعة وهي الإيطالية، وعلما أن هذه اللغة لا يتشرح فيها عدد كبير، كان سهلا توقع تواجدنا في نفس القسم بنسبة فائقة”.
وبعد الإعلان عن اللوائح تقرر فعلا أن يجتاز الأربعة امتحانات الباكالوريا في نفس المؤسسة ونفس القسم بأحد أحياء مدينة سلا.
الجزء الآخر من الخطة وهو الأهم يتمثل في تقاسم الأدوار، يتكلف أحد الأفراد بمادة الرياضيات، والثاني بعلوم الحياة والأرض، والثالث بمادة الفيزياء، ويتكلف المترشح الرئيسي في الخطة بباقي المواد، علما أن المواد الثلاثة المذكورة هي التي تتضمن أعلى “معامل”.(المترشح الرئيسي هو الذي تقدم فعلا لاجتياز الامتحانات بينما الثلاثة يقومون بمساعدته).
تقوم الخطة على إعداد الإجابات وترك مكان المعلومات فارغا ما أمكن إلى أن يحين وقت تقديم الأوراق، يضع الفرد المكلف بالمادة رقم المترشح الرئيسي، بينما يضع هذا الأخير معلومات تتعلق بالشخص المكلف بالمادة(مجرد متعاون)، ويتم اختيار التوقيت المناسب لتقديم الأوراق، بأن ينادي أحدهم على الثاني لأخذ ورقته، وحتى في حال تدخل أحد أفراد الحراسة معترضا على الصيغة، ومطالبا بإعادة ورقة الامتحان إلى صاحبها لكي يقوم بتقديمها بنفسه إلى أحد أفراد الحراسة، تكون الأوراق قد اختلطت، ويكون يسيرا حينها تقديم المترشح الرئيسي للورقة التي تتضمن معلوماته الشخصية.
استرجعت الأستاذة شريط الأحداث، ووجدت أن هذا السيناريو تكرر كثيرا، وأن أحد الأفراد الأربعة ينادي دائما على آخر ليقدم له ورقة الامتحان، وتكتفي لجنة الحراسة بالمناداة عليه لتقديم البطاقة الوطنية وورقة الاستدعاء لمطابقة المعلومات.
بعد تلقيها كل هذه المعلومات في توقيت متأخر لم يعد مجديا القيام بأي فعل لكشف أكبر عملية احتيال تتعرض لها شهادة الباكالوريا في تاريخها، لا شهود ولا أدلة على عملية غش غير مسبوقة، لا شيء غير أوراق تم تسليمها وغادر المحتالون صفوف القسم، ولم يتبقى إلا واحد أراد أن يبلغ رسالته الأخيرة، انتصرت الخطة، فلا حرج من إشراك آخرين في معرفتها.
احتفظت الأستاذة بغصة في الحلق، ودهشة في القلب، واستمر الأمر على ما هو عليه إلى أن تم الإعلان عن نتائج الامتحانات، لقد نجح المترشح المذكور بميزة عالية، بينما رسب المساعدون الثلاثة، الذين لم يكن هدفهم من اجتياز الامتحان سوى مساعدة صديقهم في الحصول على شهادة الباكالوريا.
المصدر : وكالات