الورقة الأصلية التي رتب بها العالم الكيميائي ديميتري مندليف الجدول الدوري للعناصر الكيميائية
اليكم السيرة الذاتية لهذا العالم الكيميائي الذي غير الكيمياء ونظمها من خلال وضعه النسخة الأولى من الجدول الدوري للعناصر الكيميائية.
نبذة عن ديمتري مندلييف
وُلد ديمتري إيفانوفيتش مندلييف بتاريخ 27 فبراير1834 في توبولسك، سيبيريا، في الإمبراطورية الروسية. درس العلوم في روسيا وألمانيا قبل أن يُصبح بروفيسوراً في الكيمياء. يُعرف باكتشافه للجدول الدوري للعناصر وتطويره، حيث لاحظ أنه عندما يتم ترتيب جميع العناصر الكيميائية المعروفة حسب وزنها الذري، ينتج جدولٌ تتمتع في العناصر بخصائص دورية داخل كل مجموعة. وفي نسخته عن الجدول الدوري عام 1871، ترك مندلييف فراغات في الجدول الدوري لعناصر اعتقد أنها لم تُكتشف بعد. حتى أنه تنبأ بخصائص ثلاثة عناصر محتملة. وقد زادت شهرته بصفته مؤسس القانون الدوري نتيجة إثبات العديد من تنبؤاته خلال فترة حياته. توفي في سان بطرسبرغ في روسيا بتاريخ في 2 فبراير 1907.
بدايات ديمتري مندلييف
ولد مندلييف في بلدة توبولسك الصغيرة في سيبيريا لإيفان بافلوفيتش مندلييف، مدرس في صالة ألعاب رياضية محلية، وماريا دميتريفنا كورنيليفا. أصيب والد مندلييف بالعمى في نفس العام الذي وُلد فيه وتوفي عام 1847. ولدعم الأسرة، أدارت والدته مصنع زجاج صغير تملكه عائلتها في بلدة مجاورة. لكن المصنع احترق في ديسمبر 1848. وبعد ذلك، رحلت والدته مع ابنها إلى سان بطرسبرغ، حيث التحق بالمعهد التربوي الرئيسي، وتوفيت بعد فترة وجيزة.
تخرج مندلييف عام 1855 وحصل على أول وظيفة له فعمل مدرساً في سيمفيروبول في شبه جزيرة القرم. بقي هناك شهرين فقط، وبعد وقت قصير من عمله في مدينة أوديسا، قرر العودة إلى سانت بطرسبرغ لمواصلة تعليمه.
حصل على درجة الماجستير عام 1856 وبدأ في إجراء بحوث في الكيمياء العضوية. وبتمويل من منحة حكومية، ذهب للدراسة في الخارج لمدة عامين في جامعة هايدلبرغ في ألمانيا. وبدلاً من العمل عن كثب مع الكيميائيين البارزين في الجامعة، بما في ذلك روبرت بونسن، وإميل إرلنماير، وأغسطس كيكولي، بنا مختبراً في شقته الخاصة. وفي سبتمبر 1860، حضر المؤتمر الدولي للكيمياء في كارلسروه، الهادف لمناقشة قضايا مهمةٍ في الكيمياء مثل الأوزان الذرية والرموز الكيميائية، والصيغ الكيميائية. التقى هناك وتواصل مع العديد من الكيميائيين الكبار في أوروبا.
إنجازات ديمتري مندلييف
في عام 1861، عاد مندلييف إلى سان بطرسبرغ، حيث حصل على الأستاذية من المعهد التكنولوجي عام 1864. فبعد تقديمه أطروحته في الدكتوراه عام 1865، عُين بروفسوراً للتكنولوجيا الكيميائية في جامعة سان بطرسبرغ. كما أصبح بروفسوراً في الكيمياء العامة عام 1867 وواصل عمله حتى عام 1890.
مع بدأه تدريس الكيمياء غير العضوية، لم يتمكن مندلييف من العثور على كتبٍ دراسية تلبي احتياجاته. وبما أنه نشر كتاباً عن الكيمياء العضوية عام 1861 والذي أكسبه جائزة ديميدوف المرموقة، فقد بدأ بتأليف كتابٍ آخر. وكانت النتيجة هي كتاب Osnovy khimii (مبادئ الكيمياء)، والذي أصبح كتاباً كلاسيكياً، حيث صدرت منه العديد من النسخ وتُرجم لعدة لغات. عندما بدأ مندلييف بتأليف الفصل الخاص بعناصر الهالوجينات في نهاية المجلد الأول، قام بمقارنة خصائص هذه المجموعة مع عناصر مجموعة الفلزات القلوية.
وضمن هاتين المجموعتين من العناصر المختلفة، اكتشف أوجه تشابه في تعاقب الأوزان الذرية، وتساءل عما إذا كانت مجموعات أخرى من العناصر تظهر خصائص مماثلة. وبعد دراسته العناصر القلوية الترابية، توصل مندلييف إلى أنّ ترتيب الأوزان الذرية يمكن أن يستخدم ليس فقط في ترتيب العناصر داخل كل مجموعة، بل لترتيب المجموعات نفسها أيضاً. وهكذا، فقد اكتشف مندلييف القانون الدوري.
أعلن عن قانون مندلييف المُكتشف حديثاً أمام الجمعية الكيميائية الروسية في مارس 1869 مع بيان يحمل اسم « ترتيب العناصر وفقاً للأوزان الذرية الخاصة بها، ويكشف عن دوريةً في خصائصها ». سمح القانون الدوري لمندلييف بوضع جدول منظم لجميع العناصر الـ 70 المعروفة آنذاك. كان لدى مندلييف إيمانٌ كبير في صحة القانون الدوري لدرجة أنه اقترح إجراء تغييرات على القيم المقبولة للأوزان الذرية لبعض العناصر، كما تنبأ بمواقع العناصر غير المعروف في الجدول الدوري جنباً إلى جنب مع خصائصها.
في بداية الأمر، لم يُثر النظام الدوري اهتماماً كبيراً بين الكيميائيين. ومع ذلك، ومع اكتشاف العناصر التي تنبأ بها مندلييف، ولاسيما الغاليوم في عام 1875، والسكانديوم في عام 1879، والجرمانيوم في عام 1886، بدأ النظام بكسب قبولٍ واسعٍ بين العلماء. وتدريجياً، أصبح القانون والجدول الدوري جزئيين مهمين في النظرية الكيميائية. ونتيجةً لذلك، كسب مندلييف اعتراف دولياً وحصل على جوائز عديدةٍ من عدة دول.
بالإضافة إلى عمله النظري في الكيمياء، كان مندلييف معروفاً بدراساته العلمية العملية، في كثير من الأحيان لصالح الاقتصاد الوطني. فقد شارك في البحوث المتعلقة بإنتاج النفط الروسي وصناعة الفحم والأساليب الزراعية المتقدمة، كما عمل مستشاراً حكومياً لمسائل تتراوح بين أنواع جديدة من البارود والرسوم الجمركية الوطنية.
بقي مندلييف مشغولاً بالأنشطة العلمية بعد أن ترك منصبه التعليمي عام 1890. فقد ساهم في كتابة العديد من المقالات في موسوعة Brockhaus Encyclopedia، وفي عام 1893، عُين مديراً للمجلس المركزي الروسي الجديد للأوزان والمقاييس. كما أشرف على عدة طبعات من كتاب مبادئ الكيمياء الذي ألفه.
وفاة ديمتري مندلييف
في السنوات الأخيرة من حياته المهنية، كان مندلييف معترفاً به دوليا ًنتيجة مساهماته في مجال الكيمياء، إذ حصل على جوائز فخرية من أكسفورد وكامبريدج، بالإضافة إلى ميدالية من الجمعية الملكية في لندن وغيرها من الجوائز. توفي مندلييف بتاريخ 2 فبراير 1907. وفي جنازته في سان بطرسبرغ، حمل طلابه نسخة كبيرة من الجدول الدوري للعناصر تكريماً له ولإنجازاته.