Breaking News
Home / Actualités et News / تجربتي في الأسطورة ، الجزء الخامس : أيام الامتحان الجهوي

تجربتي في الأسطورة ، الجزء الخامس : أيام الامتحان الجهوي

تجربتي في الاسطورة الجزء الخامس : ايام الامتحان الجهوي

أيام الامتحان الجهوي:

اليوم الأول مر سريعا، يمكنني ان اعتبره أسرع يوم في السنة فبمجرد ان تستيقظ صباحا وتجتاز امتحان اللغة الفرنسية حتى تجد نفسك وانت تتناول وجبة العشاء وتتهيأ للنوم. لكن احداث هذا اليوم جديرة بان تروى. فلقد كانت الساعة السابعة و ربع صباحا عندما خرجت من المنزل وانا في همة عالية همة قد حلق جناحها الى عنان السماء ، عازم على ان احقق اعلى المعدلات،  فلم اعد ذلك التلميذ الذي يدخل امتحان الرياضيات و هو لا يبالي سواء ان كان  سيتحصل على 18 او على 5 بل الان عازم على ان احصل على نقط ممتازة ،  كما انه لا انكر باني كنت متوترا فإما ان انجح في المهمة التي انتظرتها لعام كامل او افشل  (بخلاف المقولة الفلسفية و التي لا معنى لها: انا مصمم على بلوغ الهدف فإما ان انجح و اما ان انجح) ،  لم ازل غارقا في التفكير حتى وجدت نفسي داخل ‘الدرب العجيب’ لقب رائع اطلقه صديق عزيز على  طريق ضيقة نوعا ما وسط حي علامات البؤس بادية عليه تؤدي مباشرة الى الثانوية.  هناك التقيت بصديق لي هو أيضا مقبل على الاستحقاق الجهوي يضع سماعات في اذنه، يسمع أغاني لا اظنه يفهمها، غير عابئ بما هو مقبل على اجتيازه. صراحة أتذكر هذا المشهد لحد الان وأتساءل لقد احترمت الامتحان الجهوي ايما احترام (لدرجة أنى لم انجز مطلقا أي سلسلة تخص الرياضيات في الدورة قصد التفرغ لإنجاز امتحانات تجريبية في الفرنسية حتى امتحان الرياضيات ادخله وانا معتمد كليا على ما استوعبته داخل القسم) لاكن لماذا لم يحترمني هذا الامتحان الجهوي؟ ان النقطة التي تحصلت عليها اعتبرها قلة احترام لي ولعملي وجريمة في حقي. عموما تصافحنا انا وصديقي و تابعنا طريقنا،  و بالفعل ها نحن قد ودعنا ‘الدرب العجيب’ و نقترب اكثر فاكثر من باب الثانوية،  و يا له من شرف فقد التقيت الحصان الأسود لهذا الاستحقاق الجهوي ، سأكون صريحا لو طرح علي سؤال بخصوص من تتوقع ان يكون الأول في هذه الامتحان فسأعطي ثلاثة او أربعة مرشحين لن يكون منهم هذا الصديق الذي سيعلن نفسه في قادم الأيام صاحب اعلى معدل في الامتحان الجهوي على قسم العلوم الرياضية(تطور رهيب جدا حدث في مستواه) ، لقد كان لي شرف لقائه في مناسبة ثانية هي الأخرى كانت في اليوم الذي  يسبق الإعلان عن نتائج الجهوي فبعد صلاة التراويح خضنا انا و هو و صديق ثالث يدرس معنا حديثا مطولا عن المواد التي نتخوف منها ،  الأخطاء التي يمكن ان نقع فيها و ان لم تخني ذاكرتي فان اخر ما تحادثنا حوله كان عن من سيتصدر الامتحان الجهوي. أعطيت ثلاثة مرشحين لم يكن هو ضمنهم وللمعلومة لم نختلف كثيرا حول هؤلاء المرشحين لاكن عندما هممنا بالانصراف قال عريس الغد: من يتوقع منكم ان أكون الأول على قسم العلوم الرياضية؟ لم يستطع صديقنا الثالث كبح ضحكه لقد اعتبر ما قاله مزحة. اما انا فأجبته بابتسامة عريضة وكلمات منمقة ملفقة اذكر له فيها انه لا شيء مستحيل وانه بإمكان أي واحد منا ان يكون الأول ليس فقط على القسم بل حتى على الصعيد الجهوي….  لقد قلت له تلك الكلمات وانا غير مؤمن بها، في الحقيقة يمكن اعتبار هذه المناسبة من المناسبات القليلة التي أكون فيها منافقا واتحسر لأني لو كنت اعلم بانه سيكون الأول لكنت منافقا ممتازا. فوا اسفاه… لم انل علامة الامتياز في أي شيء هذا العام، تبا حتى النفاق لم أكن مميزا فيه.

ها انا ذا قد دخلت قاعة الامتحان سلمت على الاصحاب وجلست في الطاولة الأخيرة المخصصة لي، لا أخفى عليكم توتري فشبح أستاذ اللغة الفرنسية يطاردني. سرعان ما زال هذا التوتر عندما خضنا حديثا مرحا وسخرنا من حال صديقنا الذي كان بحق أفضل من يجيد الغش بيننا والمتوقع له مسبقا ان يكون مدججا بأفضل الملخصات والتعابير الانشائية. ففور دخوله القاعة تغيرت ملامحه اراه يفور غيضا ويتلظى غضبا فلقد كان لزاما عليه الجلوس في الطاولة الأولى. لم تكن هذه المصيبة هي وحدها من حلت به،  فلقد كان محاطا بتلاميذ غالبيتهم قد يعطونه اكبادهم على ان يعطوه الأجوبة ( من اهم النصائح التي قد اقدمها لك هي كن مثل هؤلاء التلاميذ سائلك محروم و علمك مكتوم اثناء الاختبار)  لقد تهكمنا عليه وقلنا له بحكم العلاقة السيئة التي تجمعه مع أستاذ الرياضيات بان لعنة من الأخير قد حلت عليه،  بل بعضهم اعتبر ان السيد أرسلان اخبر المراقبين بخطورة هذا التلميذ مما استدعى وضع كل تلك الإجراءات المشددة عليه ،  كانت لحظات مرح قصيرة سرعان ما انتهت بعد توزيع المراقبين لأوراق امتحان الفرنسية،  اطلعت عليه ووجدته سهلا للغاية لو قالوا لي باني سأحصل فيه على 14.5 لما صدقتهم ، بدأت اجيب عن الأسئلة بتاني،  كانت الحراسة مخففة ليس فقط في امتحان الفرنسية بل في كل المواد لا اعلم هل كان هؤلاء المراقبون  يخافون على سياراتهم او على انفسهم او هم أيضا نجحوا بالاعتماد على الغش لذلك اشفقوا علينا و تذكروا ماضيهم السيء،  فتركوا بعض التلاميذ ينقلون الأجوبة من زملائهم. هذا النوع من الأساتذة تجدهم يخوضون في نقاشات عميقة وحساسة من مثل ما السبيل نحو استرجاع القدس او كيف تسترجع الامة الإسلامية هيبتها بل وينتقدون الحكام والرؤساء. فسحقا لم يتبقى لهم سوى هذا النقاش. بالمثل تبقى هذه التصرفات وصمة عار في جبيننا نحن تلاميذ العلوم الرياضية، فمن العار ان نجد تلميذا يدرس بهذه الشعبة يطلب الأجوبة من صديقه وبالأخص في استحقاق جهوي. انتهت الساعتان سلمنا الأوراق وأعطيت لنا استراحة مدتها نصف ساعة، ما زلت أتذكر تلك الحشود الهائلة من التلاميذ الذين اصطفوا خارج اسوار المؤسسة يسال بعضهم بعضا عن الأجوبة التي ادلوا بها، من جهتي أرى ان مثل هذه النقاشات لا فائدة ترجى منها فهي تسبب فقط الفزع وتحطيم المعنويات من الأفضل الابتعاد عنها، انقضت مدة الاستراحة وعدنا الى الأقسام لاجتياز امتحان مادة التربية الإسلامية كان امتحانا سهلا لدرجة لا توصف. ومثل هذه الاختبارات التي تكون سهلة للغاية ربما تسبب لك فشلا معنويا فانت منذ بداية العام تنجز جهوريات من أصعب ما يكون تستدعي درجة حفظ وفهم كبيرتين للغاية لتفاجأ في الأخير بامتحان يعتمد فقط على الحضور داخل القسم. تحصلت في هذا الامتحان على 18.5. انتهت حرب دامت ساعة ونصف وعدنا الى قواعدنا. راجعت اللغة العربية مراجعة مركزة قبل ساعتين من امتحانها لم تكن لدي أدني رغبة في الاكل او الشرب، مر الوقت سريعا وها انا اجتاز امتحان اللغة العربية الذي لم يكن صعبا بدوره لدرجة ان الغالبية خرجت قبل الوقت المحدد (لقد حصلت فيه على (17.5، اما انا وفي جميع الاستحقاقات والامتحانات المهمة لا اخرج الا بعد ان ينقضي الوقت الأصلي، حتى أتأكد من جميع اجوبتي ايما تأكد فاخرج مرتاح البال مطمئن النفس، وبالفعل كنت اخر من يخرج من القسم. عدت الى المنزل تناولت بعض الفاكهة وبدأت اراجع مادة الاجتماعيات، سرعان ما اقبل الليل وساد الظلام عندئذ ارخى النوم مفاصلي وامال عنقي فلقد شربت من كاس النعاس وانتشيت من خمر الكرى.

انكشف غطاء الليل و لاحت تباشير الصباح انهزم جند الظلام من عسكر النور فأشرقت الدنيا و أضاءت الافاق، استيقظت باكرا و القيت نظرة أخيرة على ملخصات التاريخ و الجغرافيا التي انجزتها بنفسي،  لقد كنت حافظا لجميع الدروس ما عدا الملفين و بعض الخرائط و لحسن الحظ لم يطرح أي من هذه الأشياء ضمن الامتحان.( الحظ و التوفيق من الله تعالى يلعب دورا كبيرا في  تفاوت النقط بين التلاميذ) توكلت على المولى عز وجل و اتجهت لخوض اخر امتحان لهذه السنة، دخلت قاعة الامتحان قبل ربع ساعة على بدء الاختبار،  البعض مازال يراجع دروسه و متشب بفعل ذلك الى اخر رمق ، و لأول مرة كانت الوجوب بهية في منظر يملا العين و يملك النفوس البعض اتى بالنظارات الشمسية و البعض الاخر لبس اجمل ما يملك من الملابس اعتذر صديقي القارئ فلا تنتظر مني تفسيرا لذلك فبنفسي لم ولن استطيع فهم هذا المشهد. كان الأجواء هستيرية على غير العادة، لابد ان يكون الجميع مشاركا فيها حتى ان تطلب الامر مشاركة المراقبين، وبالفعل تبادل بعض التلاميذ الحديث مع أحد المراقبين ويا له من حديث غريب!  فبعد سلسلة من الحوارات القصيرة، سال أحد التلاميذ المراقب عن المادة التي يدرسها. فأجابه بانه يدرس مادة علوم المهندس وانه يقوم بعمل الساعات الإضافية بأحد مراكز الدعم بالمدينة. نعم انها هستيريا من نوع اخر، جنون حب المال، فهذا التلميذ لم يسأله ان كان يقوم بعمل الساعات الإضافية ام لا لكن الأستاذ أوحى له بصيغة غير مباشرة بانه من الممكن ان يلجا التلميذ لزيادة ساعات الدعم عنده.

انتهى الحديث ودقت الساعة العاشرة معلنة بداية الحرب، وزعت أوراق الاختبار ومعها أوراق التحرير، ألقيت نظرة أولية على موضوع الفرض لم يكن بالصعب فلقد كان في متناول جميع التلاميذ، شمل درسا واحدا في مادة التاريخ (امر محزن ان تحفظ وتراجع سبعة دروس او أكثر احتووا على معلومات هائلة وتختبر في النهاية في درس واحد فقط) لكنه شمل في مكون الجغرافيا (الموضوع المقالي) ثلاثة دروس على الأكثر اظن انه كنت سأحصل على أكثر بكثير من 16.5النقطة التي حصلت عليها في هذا الامتحان) لو أنجزت الموضوع الاختياري الأول. ففي الحقيقة يمكن ان تكون المواضيع الاختيارية محتوية على موضوع  لو اخترت العمل عليه سوف تحصل على نقطة اقل بكثير مما يمكن ان تحصل عليه لو أنجزت الموضوع الاخر ( بعض المواضيع الاختيارية بها أسئلة ملتوية حيث يمكن ان تجيب عنها برؤوس أقلام اما ان تتوسع و تخوض فيها فهذا صعب جدا ).

بعض التلاميذ خرجوا قبل انتهاء الوقت الأصلي وهم يطلقون صرخات فرح وبهجة فهل هبت ريح النصر مبكرا وجاء نصر الله والفتح؟ دعونا لا نستبق الأمور ،  انتهى اخر امتحان في العام أي شعور بالراحة راودني آنذاك، شعور تعجز الكلمات عن وصفه،  عدت الى المنزل استلقيت على الأرض بجانب حاسوبي،  ضربت موعدا مع الأصدقاء للعب كرة القدم في  » الكلية »  عبر وسائل التواصل الاجتماعي،  و بالفعل التقينا هناك،  و لعبنا اسوء مباراة لنا في العام،  الكل منهك،  بطيء،  و فاقد لمهاراته فقد مرت أسابيع عديدة على اخر مباراة لنا(بفعل الاستعدادات لاجتياز الامتحان الجهوي) دون نسيان الإرهاق العقلي فشبح الامتحان الجهوي ما زال يؤرقنا،  لأنه ما دمت غير عارف لمعدلك فانت في معاناة مستمرة لن تنتهي الا بحلول اليوم الموعود…

بقلم التلميذ حمد بن حدو 

ثانوية محمد السادس بمارتيل  جهة تطوان طنجة 

الصورة :ذ رشيد جنكل 

 

About Rachid Jenkal

JENKAL RACHID Professeur agrégé de sciences physiques - Classes prépas (CPGE) MPSI

Check Also

H prépa Mécanique 1ère année, MPSI-PCSI-PTSI ,SMP, SMA et SMC- Cours et Exercices corrigés

H prépa Mécanique 1ère année, MPSI-PCSI-PTSI ,SMP, SMA et SMC- Cours et Exercices corrigés

H prépa Mécanique 1ère année, MPSI-PCSI-PTSI ,SMP, SMA et SMC- Cours et Exercices corrigés H-Prépa …

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *

error: Content is protected !!