مقالة الاسبوع : القطب المغناطيسي الشمالي للارض يتحرك بسرعة نحو روسيا والعلماء يتوصلون بشكل رسمي لنموذج جديد
في هذه المقالة ان شاء الله ساتحدث عن القطب المغناطيسي الشمالي للارض الذي اثار جدلا في السنوات الاخيرة في الحقل العلمي .
يتحرَّك القطب المغناطيسي الشمالي للأرض بشكل واضح وبسرعة كبيرة فى اتجاه سيبيريا الروسية مبتعداً بصورةٍ غير قابلة للتنبؤ عن القطب الشمالي الكندي ، وفقاً لما اعلنه مجموعة من العلماء.وقد تحرَّك القطب كثيراً، لدرجة أنَّ التمثيل الحالي للمجال المغناطيسي الأرضي -الذي جرى تحديثه في عام 2015- بأكمله أصبح الآن قديماً وغير صحيح. ولذلك، توصَّل الجيولوجيون إلى نموذج جديد.
يُذكر أنَّ انحراف الشمال المغناطيسي ليس بالأمر الجديد، إذ اكتشف باحثون بالقرن التاسع عشر، أنَّ الشمال المغناطيسي ينحرف عن موضعه. ثم، في منتصف التسعينيات من القرن العشرين، بدأ يتحرك بسرعة أكبر، إذ ازدادت المسافة التي يقطعها سنوياً من 15 كيلومتراً إلى نحو 55 كيلومتراً، وفقاً لما ذكرته مجلة Nature. وفي العام الماضي (2018)، تجاوز الشمال المغناطيسي خط التاريخ الدولي ودخل نصف الكرة الشرقي . وللعلم خط التاريخ الدولي ، هو خط وهمي على سطح الكرة الارضية ، منه يبدا اليوم ، واليه ينتهي ، ويمر على خط طول 180° عن مدينة غربنتش البريطانية
وفي هذا الصدد قال الباحث »سياران بيجان » من معهد المسح الجيولوجي البريطاني في مدينة ادنبرة : إن القطب المغناطيسي « يتحرك بنحو 50 كيلومترا في العام، ولم يتحرك كثيرا في الفترة بين عامي 1900 و1980 لكنه تسارع حقا في الأعوام الأربعين الماضية »،
واضاف العالم ان التحديث « للنموذج المغناطيسي العالمي » الذي ينشر كل خمسة أعوام مقرر في عام 2020 لكن الجيش الأمريكي طلب تحديثا مبكرا.وكان من المفترض أن يُنشَر هذا النموذج الجديد، الذي يحمل اسم النموذج المغناطيسي العالمي WMM ، في 15 يناير 2019، لكنَّه تأجَّل حتى يوم 30 من الشهر نفسه، بسبب الإغلاق الحكومي الأمريكي.
وللاشارة فالقطب المغناطيسي الشمالي يستخدم في العديد من الاستخدامات، بما في ذلك الملاحة العسكرية وإدارة الحركة الجوية، وبالتالي هذا التحرك السريع سيؤثر على الملاحة خاصة في المحيط القطبي شمالي كندا،ـ ويستخدم حلف شمال الأطلسي والجيشان الأمريكي والبريطاني إضافة إلى الهيئات الملاحية المدنية ( الطائرات والسفن ) ذلك المجال المغناطيسي كموجه احتياطي في الرحلات .كما سيؤثرا هذا التغير بشكل من الاشكال على البوصلة في الهواتف الذكية وبعض الإلكترونيات حيث تعتمد كل من Apple وخرائط Google عليه.
كما ان للمجال المغناطيسي بشكل عام دورا اساسيا في حماية الارض إذ يشكل درعا وقائيا من من الاشعاعات الكونية والشمسية الضارة
وفي ضوء انتشار هذه الخبر طمأن عالم الجيوفيزياء بجامعة كولورادو أرنود شوليات، المؤلف الرئيسي للنموذج المغناطيسي العالمي الصادر حديثا الراي العام بالقول انه لن يتأثر نظام تحديد المواقع العالمي (بتغير موقع القطبية الشمالية) لأنه قائم على القمر الصناعي.
على الرغم من أنه كان يتحول ببطء من كندا إلى روسيا منذ اكتشافه في عام 1831، إلا أن تحركه كان سريعا في السنوات الأخيرة مما خلق جدلا واسعا في الاوساط العلمية عن سبب هذا التحرك السريع ويرجج عددا من العلماء سرعة تحرك القطب المغناطيسي إلى التغييرات غير المتوقعة في كتلة المعادن المنصهرة في باطن الأرض.
وفي هذا السياق قال المركز الوطني الأمريكي للمعلومات البيئية التابع لوزارة المحيطات والغلاف الجوي في بيان صحفي إن الحركة السريعة “أجبرتهم” على إطلاق النموذج الجديد.
وجاء فيه:
»نظرًا للتغيرات الغير مخطط لها في منطقة القطب الشمالي، أطلق العلماء نموذجًا جديدًا لتمثيل تغيير المجال المغناطيسي بشكل أكثر دقة بين عام 2015 والآن. »
»سوف يتضمن هذا التحديث الذي بين أن القطب الشمالي قد خرج عن حلقته قبل الإصدار الرسمي للعام القادم (WMM2020) الملاحة الآمنة للتطبيقات العسكرية والخطوط الجوية التجارية وعمليات البحث والإنقاذ وغيرها التي تعمل حول القطب الشمالي »
ومن جهته، يوضح الفيزيائي الجيوفيزيائي بجامعة ماريلاند دانيال لاثروب أن السبب الكامن وراء تحرك القطب المغناطيسي هو الاضطراب في طبقات الأرض وخاصة النواة ، فهناك سائل منصهر من الحديد والنيكل في قلب الكوكب، حيث تولّد الحركة مجالاً كهربائياً، مضيفاً أنها « تغيرات مشابهة للطقس »، « قد نسميها فقط الطقس المغناطيسي »، حسب تعبيره.
أما القطب الجنوبي المغناطيسي فهو أيضاً يتحرك، ولكن بوتيرة أبطأ بكثير مما عليه الحال بالنسبة للقطب الشمالي.
ويعد النموذج المغناطيسي العالمي واحداً من بضعة نماذج -من بينها نموذج يحمل اسم المجال المغناطيسي الأرضي الدولي المرجعي- حيث يتم الاعتما على ما يُسمَّى الانحراف، أو الفرق بين الشمال الحقيقي أو الجغرافي (أي القطب الشمالي ) والشمال المغناطيسي (أي النقطة التي تشير إليها إبرة البوصلة).هذا الانحراف يُمكِّننا من التحويل بين زاوية الميل المغناطيسي وزاوية الميل الحقيقي عند أي نقطةٍ في الكرة الأرضية، وفقاً لتقرير نشر عن نموذج عام 2015 . وبهذه الطريقة، يمكن توجيه السفن والطائرات والهوائيات ومعدات الحفر والأجهزة الأخرى.
على الرغم من أنه ليس معروفًا تمامًا ما الذي يسبب هذه الحركة المفاجئة، إلا أن العلماء يعتقدون أن المجال المغناطيسي للأرض سيقلب في نهاية المطاف نظرًا لتوازنه الضعيف بطريقة يصبح فيها القطب الجنوبى المغناطيسى شمالى والعكس .
إعداد : رشيد جنكل
اشتوكة فيزيك
المصدر : الوكالات