[الجزء 2 : [عطارد] في سلسلة مقالات حول [نظامنا الشمسي

 

المقال 2 : كوكب عطارد

 

عطارد الكوكب الأسرع و الأقرب الى الشمس  من الكواكب الأخرى إنه أصغر كوكب في النظام الشمسي حيث أن قطره أصغر بأربعين بالمئة من قطر الأرض وأكبر بأربعين بالمئة من قطر القمر ، كما أنه أصغر من غانيميد القمر التابع للمشتري والتايتان التابع لزحل .

 أعتبر عطارد أصغر كوكب في النظام الشمسي  الى غاية 1930 حيث تم إكتشاف الكوكب التاسع بلوتو والذي تبين أنه أصغر من عطارد حيث أنه أقل من نصف عطارد فقط  . لكن بعد القرار الذي إتخده الإتحاد الفلكي الدولي سنة 2006 باعتباركوكب بلوتو مجرد كوكب قزمي مثل إيرس وماكيماكي … عاد لقب أصغر كوكب في مجموعتنا الشمسية الى عطارد

أكتشف بلوتو سنة 1930 من قبل الفلكي الأمريكي  كلايد تومبو » clyde tombaugh  «   وهو شبه كوكب يدور حول الشمس في مدار أبعد من مدار كوكب نبتون . وهو صغير لدرجة أن قطره أصغر من قطر قمر الأرض ب 1086  كم

وللكوكب القزمي بلوتو ثلاثة أقمار حتى الأن ، الأول هو كايرون  charon » «  إكتشف سنة 1978  أما الإثنان الباقيان فأكتشفا سنة 2005  ولم يتم إعتبارهما  رسميا بعد أقمار بلوتو من قبل   iau  »   « الإتحاد الفلكي الدولي       international astronimical  union   » « 

تبين الوثيقة أسفله أقمار بلوتو الثلاثة كايرون و هايدرا ونيكس والتي التقطت يوم 15 فبراير 2006 بواسطة تلسكوب هابل الفضائي .

يدور عطارد حول الشمس في مدار هو الأكثر إهليليجية بين كل الكواكب باستثناء بلوتو ويكمل دورة مدارية واحدة كل 88 يوما تقريبا ) يوم أرضي ( ما يجعله أسرع كوكب في النظام الشمسي .

يبرز الرسم التوضيحي الممثل أسفله  مدى إهليليجية مدار عطارد ، حيث يقترب من الشمس حتى يصبح فقط على بعد  47 مليون كلم فقط من الشمس ليبتعد  عنها من جديد ليصل الى 70مليون كلم .

سرعة دوران عطارد المحورية ) دوران عطارد حول نفسه ( أبطأ من سرعة دورانه المدارية ) دوران عطارد حول الشمس ( وهذا بالإضافة الى إهيليجية مداره يولد تأثيرا مميزا ورائعا على سطح عطارد لحظتي الشروق والغروب ، فخلال لحظات الشروق ترتفع الشمس قليلا ثم تعود وتغرب في نفس المكان ومن تم تعود بعد ذلك للشروق مجددا من نفس المكان وهذه الظاهرة تحدث بنفس الطريقة عند الغروب ) تغرب الشمس ثم تشرق من نفس المكان ثم تغرب مرة أخرى (

قبل تحليق المركبة مارينير 10 الى الفضاء ، بدأت للدراسة الفعلية من الأرض بواسطة التصور الرداري سنة 1960 لكن لم يكن العلماء يعرفون الكثير عن كوكب عطارد بسبب صعوبة متابعته ودراسته من المراصد الأرضية  . لقد أتت معظم المعلومات التي نعرفها من المركبة الفضائية  الإستكشافية مارنير 10  «  Mariner 10 »  التي بعثت في مهمة إستكشافية له ولوكب الزهرة ، وقد اطلقت هذه المركبة يوم الثالث من نونبر من العام 1973 وإقتربت من عطارد بحدود 705 كيلومترات يوم التاسع والعشرون من مارس من العام 1974 ، لتعود المركبة لتحلق بجوار عطارد للمرة الثانية يوم 21 شتنبر من العام 1974 ، وللمرة الثالثة يوم السادس عشر من مارس من العام 1975 ، إلتقطت هذه المركبة الفضائية في المرات الثلاثة أكثر من 2700 صورة غطى ما يقارب 45% من سطح الكوكب

كشفت المركبة مارينر 10 وجود مجال مغناطيسي لعطارد ، يعني ذلك أن نواته ما زالت منصهرة ، وان حركة ذرات الحديد فيها هي المسؤولة عن توليد المجال المغتاطيسي ، قد يعزى المجال المغناطيسي للكوكب الى المغنطة المختلفة لصخوره الناتجة بدورها عن المجال المغناطيسي القوي الذي إمتلكه الكوكب إبان مراحل تشكله  الأولى ، لا تتجاوز شدة المجال المغناطيسي الحالي لعطارد 1% من شدة المجال المغناطيسي الأرضي  و يرجع سبب هذا الى بطء سرعة الحركة المحورية  للكوكب مقارنة مع بسرعة الأرض المحورية حيث أن سرعة الأرض في الدوران حول نفسها  1666  كلم / س   بينما سرعة عطارد في نفس الحركة هي حوالي 11 كلم / س فقط .

تشير الكتلة الحجمية العالية لكوكب عطارد والبالغة  / cm³ 5,44 g  الى ان الحديد يدخل في تركيبه بنسبة 70 % بينما تسهم السيليكات بنسبة 30% . وقد بينت الصور التي إلتقطتها المركبة مارينر 01 ان سطح عطارد يشبه فعلا سطح القمر فهو مليء بالفوهات ، وتنتشر على سطحه الأحواض  متعددة الحلقات وتشكيلات من بقايا تدفق الحمم البركانية ، يتراوح إمتداد الفوهات بين 100 متر وهي أعلى قدرة للحل في صور مارينر 10 الى حدود 1300 كيلومتر . وتختلف أعمار الفوهات بشكل كبير فبعضها حديث العهد تتميز بحواف حادة وأشعة ساطعة صادرة عنها ، وبعضها الأخر أصابها الحث بدرجات متفاوتة وأصبحت حوافها ملساء نتيجة السقوط والإنهمار المستمر للنيازك الصغرى . إن حوض كالوريس هو أكبر فوهة على سطح عطارد فقد عرفه الفلكيون على انه عبارة عن منخفض دائري واسع تميزه حلقات متمركزة وأشعة نصف قطرية ] أكتشف حوض كالوريس من طرف هارتمان وكويبير سنة 1962 [ . فبعض الفلكيون يطلقون إسم حوض على أيه فوهة يزيد قطرها عن 200 كم . يساوي قطر كالوريس 1300 كم  ربما ناتج عن إصطدام قذيفة يزيد إمتدادها عن 100 كم ، تمخض عن هذا الإصطدام حلقات جبلية متمركزة يصل إرتفاعها الى 3 كيلومترات وشظايا إنتشرت فوق سطح عطارد بحدود 800 كم من موقع الإصطدام ، لقد تجمعت الموجات السيسمية والزلزالية الناجمة عن الإصطدام على الجانب الأخر مخلفة قشرة عشوائية ، غير منظمة . وملأت الحمم البركانية هذا الحوض بشكل جزئي .

تعرضت تلال عطارد المنحرفة والمتموجة والمغطاة بالغبار الى الحث المستمر بسبب القصف النيزكي المتواصل للكوكب , تصل مناسيب المرتفعات  المحاذية للصدوع الى عدة كيلومترات وتمتد المرتفعات ذاتها الى مئات الكيلومترات . ولو مشى مستكشف على سطح عطارد لوجد يابسة تشبه سطح القمر ويرى الشمس على سطحه أكبر مرتين ونصف من الشمس التي نراها على سطح الأرض. كما أن سماء عطارد تتميز بظلام دامس على الدوام لسبب عدم وجود الغلاف الجوي الضروري لإنتشار ضوء الشمس . فإذا نظرت الى سماء عطارد فستلاحظ جسمين سماويين ساطعين أحدهما بلون أبيض هو الزهرة والأخر بلون أزرق هو الأرض .

 

تنتشر على عطارد مرتفعات عالية منحنية ومنحدارات تشكلت بفعل تبرد سطج الكوكب وإنكماشه ، بعدة كيلومترات لكن معظم سطح عطار سهلي من حيث المبدأ ، يتميز هذا السطح بقدمه وبإنتشار الفوهات عليه .وإن كانت بعض سهوله فقيرة الفوهات ، صنف العلماء سهول هطارد الى قسمين : السهول بين الفوهات والسهول الملساء ، تتميز السهول الأولى بقلة الفوهات وبمحدودية إمتدادها الة ما دون 15 كم . تشكلت هذه السهول أثناء سيلان الحمم البركانية وتغطية القشرة القديمة ،أما السهول الملساء فهي حديثة العهد تشكلت بجوار حوض كالوريس وتتميز بانتشار الفوهات

ويمكن أن نلخص المراحل التي مر بها عطارد فيما يلي : تشكلت مجموعتنا الشمسية منذ ما يقارب 4500 مليون سنة ، تميزت تلك الحقبة بالقصف المتواصل والمكثف للكواكب ، أصيب عطارد أنذاك بفصل تفاضلي عزل نواته المعدنية الكثيفة عن قشرته المصنوعة من السيليكات ، بعد إنحسارالقصف النيازك سالت الحمم البركانية على سطح عطارد وغطت القشرة الفديمة ، بعد ذلك دخل عطارد لمرحلة جديدة من القصف لكنه بصورة أقل ، تشكلت السهول بين الفوهات ، وبدا عطارد في التبرد فتكسرت قشرته السطحية ونشأت المنحدرات ، في المرحلة التالثة سالت الحمم البركانية على سطح عطارد من جديد مشكلة وخلفة السهول الملساء وفي المرحلة الرابعة قصف عطارد بجسيمات صغيرة أدت الى خلق سطح رملي ممتد ، اما الحجوم الأكبر من المقدوفات فساهمت في تشكل فوهات ذات أشعة ساطعة  ، بقي سطح عطارد منذ ذلك الوقت على حاله دون تغيير لملايين السينين بإستثناء بعض الإرتطامات الطارئة

يبدو أن عطارد بيئة معادية لوجود المياه، لكن العلماء أطلقوا عام 1991 موجات راديوية صوب الكوكب ودرسوا أنماط ارتدادها، لكن هناك سطوع ملفت للنظر من القطب الشمالي لعطارد، لا يفسر ذلك السطوع إلا بوجود جليد الماء على السطح أو تحته! لم يستغرب العلماء ما وقعوا عليه، فعطارد يدور حول محور يتعامد تماماً مع مستوي مداره حول الشمس، يعني ذلك أن الشمس عند القطبين تبقى دائماً عند الأفق، وبالتالي فإن مساحات كبيرة من أعماق الفوهات النيزكية تبقى وبشكل دائم في منأى عن وصول الأشعة الشمسية إليها، لا شك أن بعض ما تشرب من ماء من باطن الكوكب أو ما خلفته اصطدامات المذنبات قد تجمع هناك في هيئة جليد سرمدي لا يتعرض للذوبان إطلاقاً، لربما يستفيد منه رواد الفضاء المستقبليون!!

الإكتشافات الجديدة

في يوليو 2008 أعلن عضو مجموعة العلماء توماس زوربوخن التي تتابع مسبار الفضاء ماسينجر أن النتائج تدل على وجود ماء في جو عطارد الخفيف، والتي كانت بمثابة مفاجأة للعلماء معه، حيث أنه من الصعب وجود ذلك على عطارد نظرا لقربه من الشمس. وكشفت الدراسات التي قدمتها مركبة الفضاء ماسينجر أن قطر الكوكب تقلص بمقدار 1.5 كيلومتر ويرجع العلماء سبب ذلك إلى الانخفاض البطيء لحرارة القلب المنصهر للكوكب وهذه العملية تزيد من شدة المجال المغناطيسي للكوكب.

كما بينت المركبة مؤشرات بالصور عن نشاط عطارد البركاني في الماضي وكذلك يشير قياس مجال مغناطيسية إلى وجود سائل في قلب الكوكب، وقد عثر العلماء على أدلة على وجود نشاط بركاني حديث على عطارد، حيث بينت الصور التي التقطتها المركبة وجود مساحات كبيرة من سطح الكوكب مغطاة بالفوهات البركانية كما أظهرت إحدى الصور فوهة البركان كايبر الذي يقع جنوب وسط عطارد وقد تم الكشف عن حوض دائري يبلغ قطره 83 ميلا يسمى بوليفنوتوس، كما بينت الصور أن الانفجارات البركانية كانت سببا في تشكيل معظم سطح عطارد.

 [adsense2]

وفي الأخير نجمل بعض المعلومات الرقمية حول الخاصة بكوكب عطار قيما يلي :

كتلة الكوكب	شعاع الكوكب	الكتلة الحجمية المتوسطة	زمن اللف الذاتي	زمن الدوران حول الشمس
m = 3,3 .1023 Kg	R = 2439,7 Km	=5,44  g / cm3	T0 =   58,64 jours	T = 87,9 jours
السرعة المدارية	شدة الثقالة	درجة الحرارة القصوى	درجة الحرارة الدنيا	متوسط البعد عن الشمس
V = 47,88 m/s	g= 2,78 km/ s2	Tmax = 427°C	Tmin = – 173 °C	D = 5,791.107 Km

 

أما الغلاف الجوي لكوكب عطارد فهو يتكون من العناصر التالية :

الغاز	الهيليوم	الصوديوم	أوكسجين	عناصر أخرى
النسبة المئوية	42%	42%	15%	1%

 

المراجع  :

مصدر 1 : المجموعة الشمسية من منظور معاصر 

 مصدر 2   ،  مصدر 3   ،