خرجت من المنزل وأغلقت الباب ورائي ، فبدت لي الحومة فارغة ، أين هم أطفال الحي الذين يتناثرون في كل مكان كالفئران ، أين صخبهم .. ؟؟ أين ضجيجهم وهم يضربون الكرة ..؟؟ هدوء غير مألوف ، هل بدأت الدراسة قلت في نفسي وأنا أحمل جسدي مستمعا إلى صوت « إزنزارت » مختلطا مع صوت السيارات و الدراجات الناريه التي تخلف وراءها دخانا أسود كي أستنشقه ، فرقة غنائية في منتهى الروعة أشعر أن كلماتها فلسفة تكلمت باسم الشعب يوماً ، تضيف نكهة ثورية وجميلة لأحاسيسي ،
وقفت في ناصية الشارع قائلاً في نفسي أن السماء تلونت باللون الرمادي تعاطفا مع التلاميذ الذين أعلنوا عبر تدويناتهم في الفايسبوك عن سخطهم وحزنهم على انتهاء العطلة ، وهاهم الآن يمرون بجانبي عائدين من مدارسهم مرتدين أحلى الملابس في محاولة منهم لخلق صورة مثالية حول أنفسهم لدى الآخرين وأصدقائم .. !!
رجعت أدراجي نحو المنزل ، فإذا بي أجد شخصاً بمظهر غريب نائم أمام الباب ، فاكتشفت للتو شفرات وجهه ، إنه إنسان هادئ لا يكلم أحداً يخاطب نفسه بين لحظة وأخرى السجائر لا تفارقه ، لقد وجدته في هذه المدينة منذ نعومة أظافري ، ينادونه « بسيدي موح » ، ألقيت عليه التحية كعادتي رغم أني أعلم جيداً أنه لن يرد ، أتدري يا صديق فقط الحماق من يتصرفون بعفوية في هذا العالم .. يكونون هم أنفسهم ، لا يبالون بأحد ، يفرغون مثانتهم عندما يحسون بذلك يتغوطون في أي مكان ، يأكلون عندما يحسون بالجوع ، لا يهمهم نوع الطعام ولا شكله ولا في أي طبق يوضع .. وحدهم من لا يحاولون خلق صورة مغايرة لأنفسهم ، لا يتصنعون اللطف ولا يدعون النبل ولا هم في تركيبتهم الاجتماعية ، على الأقل هم مختلفون عنا وعن حياتنا .. فنحن البشر لا نعرف سوى زواج و موت ، ثم زواج وموت ، و لا نعلم أن ما بين الولادة والزواج والموت توجد حياة وموت لا متناهيتان .!!
بقلم الطالب عبد الرحيم اولعبيد