في « تاركا ن توشكا »، أحسست كما لو أنني في منطقة مدراية على الأطلس الصغير، وأنا أتجول بين أشجار الباباي و »الأفوكا » و »المانكا » والموز »، هكذا علق أحد قاطني أيت باها و هو يزور لأول مرة واحة تاركا.
« تاركا ن توشكا ».. جغرافيا
تنتمي « تاركا ن توشكا » إلى دائرة أيت باها، قيادة تنالت بإقليم اشتوكة باها، جهة سوس ماسة. وتبعد عن أيت باها بحوالي 50 كلمترا، وتمتد على مساحة 186 كلم ². وتتربع في منخفض عبارة عن واحة خضراء على ارتفاع 480 م، تحيط بها الجبال على علو 1100 إلى 1600 م. ويتواجد مركز « تاركا » في نهاية المجال المسقي وهو محاط بعدة مجاري مائية.
تاركا ..مناخ شبه جاف بمؤثرات رطبة
يطبع المنطقة مناخ شبه جاف، مع كثرة الفترات المشمسة على طول السنة )310 حوالي يوم/سنة( ، مع وجود تأثيرات بحرية أحيانا للمحيط الأطلسي، باردة من جهة جزر الكناري. مم يجعلها تعيش تحت تأثير رياح باردة؛ ترطب الجو وتقلل من ارتفاع درجة الحرارة التي تصل إلى 19,8 درجة مئوية كمعدل سنوي. أما الدرجة العليا المتوسطة فتصل إلى 28 درجة مئوية، والدنيا في حدود12 درجة مئوية. وعلى المستوى المورفولوجيا للأرض وبغض النظر عن المناطق الجبلية، فإن غالبية التربة من نوع بياضة (56 %) وتربة الدهس (4 2 %).
« أركان » والنباتات المدارية بتاركا
يتكون الغطاء النباتي في غالبيته من الأركان وبعض الشجيرات على التلال وبعض الأشجار المثمرة خصوصا الفواكه المدراية؛ كالباباي والموز و الأفوكا، و التي تنتشر على المدرجات(إغرمان) المستغلة من طرف الفلاحين. وكل هذه النباتات مرتبطة بالمناخ وبنوعية التربة. كما أن الغابة تحتل حوالي 43 % من تراب الجماعة. ورغم وعورة مجال الجماعة من حيث التضاريس، فإن المركز يتموقع داخل واحة خضراء يستغلها السكان في غرس بعض الأشجار المثمرة والخضروات لتلبية بعض الحاجيات المحلية ولضمان دخل قار.
مياه جوفية تعوض شح السطحية
تتميز « تركا نتوشكا » بمجاري مائية سطحية موسمية كأودية: « نتونين » و « أوسردون » و « تزكين ». وفي فترات الفيضانات يتم تجميع المياه على مستوى السافلة بسد يوسف ابن تاشفين الذي يوجد بإقليم تيزنيت على بعد 25 كلم من مركز تركا نتوشكا.
أما المياه الجوفية فهي محدودة على مستوى الواحة، باستثناء بعض الآبار المستغلة للتزود بالماء الشروب لفائدة ساكنة بعض الدواوير عن طريق الجمعيات التنموية والمنظمات الدولية أو للاستغلال الأسري. كما تجدر الإشارة إلى أن الأراضي الكلسية تختزن المياه الجوفية التي تغذي العيون، وتظهر إلى الخارج على شكل تدفقات دائمة تسيل في المجاري المائية السطحية.
ديمغرافية « تاركا » في تراجع
حسب معطيات الإحصاء العام للسكان والسكنى، التي حصلنا عيها من طرف الجماعة الترابية لتاركا نتوشكا، فعدد السكان عرف تراجعا؛ ففي إحصاء سنة 1982 بلغ عدد الساكنة 7432 نسمة، لكن في إحصاء 2014 وصل التعداد إلى 5058. ويفسر هذا الانحدار الديمغرافي بالهجرة التي عمت الواحة.
مؤهلات سياحية تحتاج التثمين
تتوفر « تاركا » على مؤهلات ومواقع مهمة يمكن أن تكون رافعة لتطوير وتنمية السياحة وخاصة الايكولوجية منها. حيث تزخر بمناظر طبيعية مكونة من جبال وواحات ومحميات وقصبات، إضافة إلى الاحتفالات التراثية والدينية، كـ « إدرنان »، التي تلقى إقبالا متزايدا من طرف السياح. من جانب آخر، تتميز المنطقة بالصناعة التقليدية المحلية كصناعة « البلغة » و « الفخار » والمنتوجات الخاصة بركوب الدواب. وتساهم هده الأنشطة التقليدية المحلية في خلق بعض فرص الشغل.
« إكورامن »..تعاونية تثمن المنتوجات الزراعية لتاركا
تعتبر تعاونية « إكورامن » إحدى التعاونيات التي تساهم في تثمين المنتوج المحلي بالمنطقة، وتؤمن العديد من فرص الشغل لشباب المنطقة. وتستفيد التعاونية بشكل كبير من الثروات المائية والخصائص الطبيعية لواحة « تركا نتوشكا ». فهي عضو في اتحاد من ست تعاونيات أخرى.
وتتنوع منتوجات « إكورامن » بين إنتاج « العسل الحر » والأعشاب الطبية والعطرية التي تتم زراعتها في أراضي الواحة، حيث تتم عملية مراقبتها وسقيها بشكل منتظم. من منتوجات التعاونية كذلك نجد زيت أركان بصنفيه.
وبخصوص زيت الزيتون، فقد ساهمت هذه التعاونية في منحه قفزة نوعية، حيث لجأت إلى تسويقه بشكل عصري يستجيب لمعايير الجودة المنصوص عليها. وتعمل التعاونية على تسويق منتوجاتها عن طريق المشاركة في المعارض. وعلى غرار كل تعاونيات الاتحاد فإنها تواجه العديد من المشاكل وبالخصوص على مستوى التسويق.
أشتوك أحد أبرز الفلاحين في الواحة
وعلاوة على تكتل الساكنة في تعاونيات، فالواحة تمثل مصدر دخل للعديد من المزارعين الصغار. فوفرة الماء وطبيعة التربة ونوع المناخ يوفر المتطلبات لمجموعة من النباتات الاستوائية، خصوصا « الباباي » و « الأفوكا » و « المانكا »، دون الحاجة إلى البيوت البلاستيكية (Les serres).
أشتوك، واحد من أحد مزارعي الواحة، ورغم سنه الذي يزيد عن 80 سنة، فلا تزال علاقته بتربة الواحة مستمرة. فمنها، كما أكد لنا، يحقق اكتفاء الأسرة من حاجياتها من الخضروات والفواكه، زد على ذلك تسويق بعض المنتوجات الأخرى، في السوق الأسبوعي، كالأعشاب المنسمة(القزبور و المعدنوس) و الفواكه المدراية(الأفوكا، الباباي و الموز).
وبخصوص هجرة السكان للاستغلاليات الفلاحية بالواحة، أشار « أشتوك » إلى أن الهجرة أثرت على الواحة بشكل كبير، زد على ذلك الأضرار التي يخلفها الخنزير البري بإتلاف المنتوجات الزراعية. وقد ناشد المسؤولين للتدخل للحد من أضرار « الخنزير البري »، كما دعا إلى مساعدة المزارعين الصغار لضمان الاستقرار بالواحة
عبد الله بودي و فريق « اللمصحفيون الشباب » بثانوية ايت باها
مراجعة المؤطر سعيد ايت احساين