مارك؛ مالك « أمدى أزكزا » ، يذكرني بنص على حافة عبور لحاصلي البكالوريا…
عاد به الحنين، مرة أخرى، إلى أيام الدراسة الجامعية
يتقاسم مع ابن بلدته غرفةً بنافدة واحدة، من ثلاثة أمتار مربعة. باستثناء دورة المياه، فالغرفة مطبخٌ ومرقدٌ وشرفةٌ. لا يملكون من أدوات الطبخ سوى ملعقتين؛ واحدة صغيرة وأخرى كبيرة، و كأسين؛ إحداهما لحقها كسر في الجهة الملامسة للشفتين، و صحنا كبيرا و آخر صغيرا للزيت، و طنجرة بدون غطاء، و »براداً » من الألومنيوم؛ يحمل « إتيكيت » « فْضَالَة ». في الغرف المجاورة، طلبة من مناطق مختلفة، وبنفس المصير و المعيش. في عز الاختبارات النهائية، أتاهم ضيف غير مرغوب فيه. هو من العائلة، لكن تلك الفترة الحرجة في حياة كل طالب، لا تُطيقُ أي منَغّص أو أي سارق لدقائق أو لثوان. تحملوا وجوده بينهم، دون إثارة انتباهه إلى أنه غير مرغوب فيه. كعادة البدويين، يسألون عن كل شيء. لم تهدأ عينه ولو لثانية. مسح الغرفة ياجورة ياجورة، سقفا و أديما. سأل عن تخصصهم في الجامعة.
– تدرسون ماذا، هنا؟
– الجيوفيزياء..
– لم نسمع بها من قبل، أليست هي من فصيلة » الفلسفة »؛ تلك المادة التي تُعلم الإلحاد و تخرّج الملحدين، و الجاحدين للصلاة و الصوم..
– تهتم بالبحث عن المياه و المعادن في باطن الأرض…إضافة إلى البترول و الغاز الطبيعي..
– جميل..ذاك هو العلم النافع..
وقت العشاء. حضّروا حساءً، بلا مكونات، سوى ربع كيلوغرام من الدقيق و ملح و ورقة مطوية من ملون غذائي أصفر، و بعض القطرات من زيت أشبه ما يكون إلى الماء منه إلى الزيت. قدموا الحساء على الصحن، بحثوا عن الملاعق في علبة الكرتون، حيث مستلزمات المطبخ، ليس بها سوى ملعقتين. لتلافي الظهور بمظهر الشح في اقتناء أدوات الطبخ، صاح زميله في الغرفة، مبديا غضبا خفيفا لا يتجاوز نبرة صوته:
– » هذا هو عيب جارنا إبراهيم، كلما أعرناه ملاعقنا أو أي شيء، لا يعيدها، و الأنكى أنهم غائبون عن الغرفة الآن ! ».
بقلم الاخ والصديق سعيد ايت حساين