« الجزء الخامس من سلسلة « رحلة الى الجسيمات الأولية

تحدثنا في الجزء السابق / الجزء الرابع / عن الأجسام التي لها أبعاد كبيرة جدا كالمجرات والعانقيد المجرية والكواكب …… وحاولنا ان نبين مدى كبر هذه الأجسام  من خلال مقارنتها مع الأجسام العادية بأسلوب بسيط وبلغة الأرقام . في هذا الجزء دعونا ندهب في الإتجاه المعاكس أي نحو عالم الجسيمات عالم الذرات وبنيتها الداخلية .

تستطيع أعيننا المجردة من رؤية الاشياء الصغيرة التي يصل قدها من واحد على عشرة الى واحد على المئة من الميليمتر أي  ^4 – 10  الى   ^5 – 10 أمتار وهذا يقارب قد أكبر البكتيريا حجما . كما نعلم لرؤية الأشياء لابد من الضوء المرئي  والضوء المرئي عبارة عن شكل من أشكال الموجات الكهرمغنطيسية . والطول الموجي للضوء المرئي الذي نستطيع رؤيته يصل من    ^6 – 10  الى    ^7 – 10  أمتار . أما الذرات فهي أصغر من هذه الأرقام بألف مرة إذ يبلغ حجمها حوالى ^10 – 10 أمتار . ولكون الذرات أصغر بكثير من الطول الموجي المرئي تعجز أعيننا المجردة عن رؤيتها .

كل ما يحيط بنا فهوا مكون من الذرات . فالذارات كما قلنا في الفقرات السابقة تتكون من جيسمات صغيرة ، من  نواة مركزية وإلكترونات ، تدور هذه الأخيرة حول النواة على شكل سحابة بفعل القوى الكهربائية والمغنطيسية كما تتكون النواة بدورها من بروتونات ونوترونات .وهذه البروتونات والألكترونات تتألف من جيسمات أصغر تسمى الكواركات وبالتالي فالكواركات والإلكترونات هي بذور هذه المادة الموجودة على الأرض .

لنذهب سويا الى لغة الأرقام من جديد ، يبلغ قطر الذرة حوالي   ^10 – 10 بينما يبل قطر نواتها حوالي  ^15 – 10   إذن لنخرج من الخطأ الشائع الي يتم تداوله كثيرا حول تشبيه الذرة بمجموعة شمسية صغيرة جدا تدور حولها الإككترونات الكوكبية حول الشمس المركزية . فالمجموعة الشمسية الحقيقية تبلغ النسبة بين حجم الشمس التي تحتل المركز وبين مدار كوكبنا  100/ 1 بينما الذرة أكثر خواء / نسبة الفراغ كبيرة جدا /  إذ تبلغ النسبة بين حجم النواة المركزية وبين حجم الذرة  10000/ 1  .  

يبلغ قطر البروتونات والنوترونات المنفردة نحو   ^15 – 10  وهي بدورها مؤلفة من جسيمات أصغر حجما تعرف بكواركات . وإذا كانت  للألكترونات والكواركات احجام فعلية فهي  جسيمات صغيرة جدا يصعب علينا قياسها بشكل مضبوط . الأ أن ما هو مؤكد  أنها ليست أكبر من ^18 – 10   امتار وهكذا نستنتج  مجددا أن الحجم النسبي للكوارك بالنسبة للبرتون يبلغ    10000/ 1  ( على الأكثر )  . وبالتالي يمكن القول أن عالم الذرة عالم خاو على نحو لا يصدق . 

تتسم  ابعاد هذه الأجسام الكبيرة جدا  و الصغيرة  جدا بالغرابة والصعوبة عندما نتعامل معها بالأمتار لذا فكر العلماء إستحداث وحداث جديدة كالسنة الضوئية بالنسبة للأبعادالكبيرة وقدرها   10¹⁶   أمتار :  الأنجستروم  ورمزه  A  و الفيرمي ورمزه   fm  بالنئسبة للأبعاد الصغيرة جدا حيث 1 أنجستروم يساوي ^10 – 10  أمتار ، وهو في المعتاد يساوي حجم الذرة البسيطة  وبهذا يصبح أنجستروم وحدة ملائمة لقياس أحجام الذرات والجزيئات  . أما 1 فيرمي فيساوي ^15 – 10  وبهذا يصبح وحدة ملائمة لقياس الأنوية والجيسمات الصغيرة / أنجستروم و فيرمي عالمان ذريان نوويان في القرن التاسع عشر والقرن العشرين / 

وفي يومنا هذا تسطيع أعيننا رؤية الأشياء التي لم ترها من قبل بفعل الأدوات والمعدات التي إبتكرها العلماء لتحقيق كذالك  كالتليسكوبات  التي تدرس أعماق الفضاء والميكرسكوبات التي تكشف عن البكتريات والجزيئات والميكروسكوبات الخاصة أو ما يسمى  معجلات الجسيمات  التي تكشف عن جسيمات أصغر من الذرة  فبواسطة هذه الأداة أي المعجلات يمكن الكشف عن الطبيعة وخبايا الكون وهذا ما سنتحدث عنه في الفقرات المقبلة تابعوا …..

 إعــداد : ذ. رشيـــد جنــكــل