« الجزء العاشر من سلسلة « رحلة الى الجسيمات الأولية

سنكمل في هذا الجزء ما كنا نتحدث عنه في الجزء السابق أي الكوراكات السفلية والعلوية وعن مميزاتها وعن الدور الذي تلعبه هذه الجسيمات في تكوين المادة   كما سنطرق الى جسيمات أخرى كالنوترينو  والجسيمات المضادة 

للجسيمات خاصية مهمة تتمثل في  العزم الميكانيكي يسمى اللف المغزلي( spin ) وهو عبارة عن دوران الجسيمات بطريقة مغزلية حول نفسها ويقاس اللف المغزلي بوحدات ثابتة بلانك  h مقسومة على 2π   أو باختصار  ħ  ويملك كل من البرتونات والنوترونات والكواركات عزما ميكانيكيا يقدر  ħ  /2 أو بإختصار لفا مغزليا قدره   1/2 . كما يجمع هذا اللف المغزلي أيضا ليكون اللف المغزلي للنواة .

و للتبسيط اكثر فاللف المغزلياو السبين ما هو إلا خاصية كمومية اساسية في الجسيمات الطبيعية يمكن القول انها دوران لذاك الجسيم حول محور وهمي ما. أو بعبارة اخرى يعبر عن مظهر الجسيم عندما ننظر إليه من زوايا مختلفة . فالجسيم الذي سبينه صفر يشبه نقطة من أية زاوية نظرنا إليه والجسيم الذي سبينه واحد يشبه السهم يختلف مظهره باختلاف منحى النظر ولا يعود إلى مظهره الأول إلا إذا دار دورة كاملة (360درجة) أما الجسيم الذي سبينه 2 فيشبه سهماً ذا رأسين ينطبق على نفسه بعد نصف دورة (180درجة) وهكذا. أما الجسيمات ذات السبين ½ فهي تحتاج لاسترداد مظهرها لدورتين كاملتين. لكن في الحقيقة هذا غير صحيح بمعنى الدقيق  لأن ميكانيك الكم تخبرنا بأن الجسيمات ليس لها محور محدد تدور حوله وبالتالي فما هذه المقاربة إلا مماثلة  مقبولة  وافتراض تخيلي جيد يمكننا من فهم هذه الظاهرة المعقدة بشكل مبسط و أسهل   .

ويمكن جمع اللف المغزلي او طرحه ما دام الناتج ليس سالبا ، فعلى سيل المثال إذا قمنا بالجمع او الطرح بين جسيمين لكل منهما لف مغزلي يساوي 1/2 فإننا ننحصل على واحد او صفر . أما إذا قمنا بالجمع بيين ثلاثة كوراكات ينتج عنه  إما 1/2 أو 2/3 .

يتوفر البروتون و النوترون على لف مغزلي يساوي  1/2 وهو ناتج عن إتحاد اللف المغزلي لثلاثة كوراكات كما قلنا سابقا . لكن عندما تتحد هذه الأخيرة ( الكواركات) وينتج عنها  لف مغزلي قدره  2/3 فان الجسيمات الناتجة تتوفر على طاقة زائدة  تسمى التجاوبات وهي جسيمات مشابهة للبروتونات كتلتها أكبر من كتلة البروتون أو النونرون ب 30 % من حيث الكتلة ، لكنها قصيرة العمر حيث تعيش لاقل من   ^23-10  ثوان  (  تساوي تقريبا المدة اللازمة التي يستغرقها الضوء لإجتياز نواة  ذرة واحدة ) .قبل ان تتفتت وتتحلل مرة اخرى الى البتونات والنوترونات الأكثر إستقرارا .

تخضع  كل هذه العلميات   لقواعد ميكانيك الكم ، تمنع على سبيل المثال بعض القواعد إتحاد ثلاثة كواكات متطابقة أي ثلاثة كواركات  علوية أو سفلية  . ومن ثم لا يوجد أشقاء للبروتون والنوترون بشحنة قدرها 2+  أو 1-  مكونة على الترتيب من ثلاثة كواركات علوية أو ثلاثة كواركات سفلية .

لم يستطيع احد بعد عزل كوارك عن باقي الكواركات ، وإنما تبقى  الكواركات في مجموعات حيت تتحد ببعضها البعض باحكام   كالكواركات الثلاثة المتحدة في البروتون  مثلا ،وتحتجز داخل عالم يمتد لمسافة ^10-10 أمتار يدعى  » الفمتو كون  »  ما يمنح للكواكات طاقة إجمالية قدرها 938 ميغا إلكترون فولط والتي هي  بطبيعة طاقة البروتون  او باختصار كتلة البروتون . وكنتيجة نظرية ستكون تقريبا طاقة الكواك المنعزل داخل الفمتو كون نحو 200 الى 300 ميغا إلكترون فولط .

يكبر الكوارك السفلي عن الكوارك العلوي  ببضعة ميغا إلكترون فولط  . في الحقيقة لا نعلم السبب  وراء هذا الإختلاف بل في الواقع لا نعلم السبب وراء إمتلاك هذه الجسيمات الأساسية بما فيها الإلكترونات لمقادير الكتل التي تمتلكها . لكن المؤكد  إختلاف هذه الكوراكات في الكتل يؤدي كون كتلة النوترون  أكبر بقليل من كتلة البرتون .

وللتوضيح اكثر يتكون البروتون من كوراكين علويين وكروارك سفلي بينما النوترون يتكون من كواركين سفليين وكوارك علوي بالتالي القوى الكهروستاتسكية بين كواركين علويين وكوارك سفلي ( البروتون ) ستختلف عن تلك الموجودة بين كواكين سفليين وكوراك علوي ( النوترون ) هذه الإختلافات في القوى والكتلة  بين الكوراكات  يؤدي الى إختلاف الكتلة بين البروتون والنوترن حيث تبين التجارب أن الفرق بينهما يبلغ 1,3 ميغا إلكترون فولط .   

لم أتمم بعد الموضوع

 ذ. رشيد جنكل