مقالة اليوم [ لماذا يسمح الزجاج بمرور الضوء عكس الخشب مثلا ]
بعبارة أخرى لماذا نستطيع الرؤية من خلال الزجاج ؟
يعتبر الزجاج مادة مهمة في حياتنا اليومية لا يمكن الإستغناء عنها …فجل ما يوجد داخل منازلنا على سبيل المثال فهو زجاج …..النوافذ ، الكؤوس ، التلفاز ، الطاولات ….. كما نجده في أشياء اخرى كالنظارات ، التلسكوبات،الكاميرات، السيارات …..الخ
إذن لماذا نجد الزجاج في كل هذه المواد ، بماذا يتميز الزجاج عن باقي المواد ؟
كما نعرف فالزجاج له عدة مميزات لا يمكن حصرها في هذا المقال ..ز لكن نحن سنتحدث عن ميزة مهمة تتجلى في كون الزجاج يسمح بمرور الضوء المرئي ، حيث من خلاله نستطيع رؤية الأشياء ، لكن كيف يتم ذلك ؟ ولماذا الخشب لا يقوم بهذا الدور مثلا ؟
لناخذ مثال النوافد حيث تصنع عادة من الزجاج محاط بإطار خشبي …. كل مادة تقوم بوظيفتها في هذه الحالة ….لكن لمذا الزجاج أكثر شفافية من الإطار المحيط به [ الخشب ] ؟ بالرغم من ان المادتين صلبتين وكليهما تحميان الرياح الثلوج والأمطار .. ومع ذلك خشب معتم يحجب الضوء تماما بينما الزجاج شفاف يسمح للضوء [ أشعة الشمس مثلا ] بالمرور دون قيود ,
يقول بعض الناس أن الخشب مادة صلبة حقيقة وان الزجاج سائل لزج للغاية ثم ينتقلون للقول بأن الذرات الموجودة في الزجاج منشرة بشكل متباعد عن بعضها البعض وأن هذه الفراغات هي التي تسمح بمرور الضوء .
ولكن الزجاج في الحقيقة ليس سائلا على الإطلاق وإنما نوع من المواد الصلبة التي تعرف ب [ المواد الصلبة غير المتبلورة ] تبقى الذرات والجزيئات في مكانها مرتبة بشكل عشوائي كالسوائل . تتشكل المواد الصلبة غير المتبلورة عند صهر مادة صلبة عند درجة حرارة عالية ثم تبريدها بسرعة وتعرف هذه العملية بالتسقية .
ماذا الذي يحدث عند إرتطام الضوء بالزجاج ؟
قبل الجواب على هذا السؤال ، ما هوا الضوء ؟ مماذا يتكون الضوء ؟ كيف يتفاعل الضوء مع المادة بصفة عامة ؟ و ما هي هذه الحالات ؟
يتكون الضوء من فوتونات [ وهي جيسمات تحمل طاقة ، كتلتها منعدمة في حالة السكون ] هذه الفوتونات تصطدم بالمادة محدثة ثلاث ظواهر : الإنعكاس ، الإمتصاص ، الإصدار أي ان هناك ثلاث حالات تتاثر بها المادة مع الضوء ، إما أن تمتص الضوء الساقط عليها, أو تعكسه, أو تسمح بمروره من خلالها. المواد التي تمتص الضوء المرئي ولا تسمح بمروره, لا نستطيع الرؤية من خلالها كالخشب. أما المواد التي تسمح بمرور الضوء المرئي تبدو شفافة لذلك نستطيع الرؤية من خلالها كالزجاج.
من المهم أن نستنتج أن الحالات السابقة تنطبق فقط على جزء بسيط من الضوء وهو الضوء المرئي ولا تنطبق على الأجزاء الأخرى[كالأشعة فوق البنفسجية ، اشعة تحت الحمرا ء ، أشعة إكس ، موجات الردايو …] فالخشب مثلا يسمح بمرور موجات الراديو, ولهذا السبب نستطيع الإستماع إلى الراديو واستخدام أجهزة الهاتف النقال داخل البيوت. وفي الحقيقة لو كانت أعيننا حساسة لموجات الراديو ستبدو جميع الأجسام من حولنا شفافة ولتمكنا من الرؤية من خلالها.
لنفهم لماذا يستطيع الضوء المرور من خلال بعض المواد فقط, علينا أن نستعين ببعض قوانين ميكانيكا الكم.
تتواجد الإلكترونات في الذرة في مستويات طاقة معينة تختلف باختلاف نوع الذرة, وينتقل الإلكترون من مستوى طاقة أدنى إلى مستوى طاقة أعلى إذا امتص ضوء [ فوتون ] يحمل طاقة تعادل الفرق في الطاقة بين المستويين, أما إذا كانت طاقة الفوتون الساقط أقل من هذه القيمة فإن الإلكترون لا يمتص الضوء الساقط عليه. هذا الفرق في الطاقة بين المستويين بمثابة السّلم الذي يحتاجه الإلكترون للصعود إلى مستوى طاقة أعلى, فإذا كان طول السّلم غير كاف للوصول إلى ذلك المستوى فإن الإلكترون يظل في نفس المستوى.
طاقة فوتونات الضوء المرئي الساقط على سطح الزجاج غير كافية لإثارة ذراته, لذلك فالزجاج لا يمتص الضوء المرئي الساقط عليه بل يمر من خلاله, في حين أنه يمتص طاقة أعلى من طاقة الضوء المرئي ( الأشعة فوق البنفسجية ) وطاقة أقل من طاقة الضوء المرئي ( الأشعة تحت الحمراء ) . أما ذرات الخشب فإنها تستطيع إمتصاص طاقة فوتونات الضوء المرئي وتقوم بتحويلها إلى حرارة.
عند إضافة مواد معينة أثناء تصنيع الزجاج, يمكن تغيير مستويات طاقة الإلكترونات في الزجاج. فعلى سبيل المثال عند إضافة النحاس, سيسمح الزجاج بتمرير اللون الأزرق فقط بينما يمتص الألوان الأخرى, فتبدو الأشياء زرقاء عند النظر من خلاله. وعند إضافة الكروم سيؤدي إلى السماح للون الأخضر فقط بالمرور, فتبدو الأشياء خضراء عند النظر من خلال الزجاج.
ذ.رشيد جنكل
المصادر :